كيف يواجه المزارعون خطط الحكومة لتحجيم المحاصيل الشرهة للمياه؟

■ ماهر أبوجبل: الربح والخسارة سلاح الفلاح للاختيار بين الزراعات الأنسب ■ حسين عبد الرحمن: على الحكومة تفعيل الزراعة التعاقدية وعرض بدائل مربحة فى ظل الندرة المائية ■ مصطفى النجاري: حظر تصدير الأرز مستمر..ونسعى للحفاظ على سعره محلياً ■ نبيل السنتريسي: لا تغيير فى مستهدفات القطن..وخطة زيادة مساحاته م

كيف يواجه المزارعون خطط الحكومة لتحجيم المحاصيل الشرهة للمياه؟
جريدة المال

المال - خاص

12:07 م, الأربعاء, 23 مايو 18

■ ماهر أبوجبل: الربح والخسارة سلاح الفلاح للاختيار بين الزراعات الأنسب
■ حسين عبد الرحمن: على الحكومة تفعيل الزراعة التعاقدية وعرض بدائل مربحة فى ظل الندرة المائية
■ مصطفى النجاري: حظر تصدير الأرز مستمر..ونسعى للحفاظ على سعره محلياً
■ نبيل السنتريسي: لا تغيير فى مستهدفات القطن..وخطة زيادة مساحاته مرهونة بارتفاع الطلب

 دعاء حسنى والصاوى أحمد

أكد خبراء الزراعة، أن التغيرات الكبيرة التى تشهدها الخريطة الزراعية المصرية التى بدأت فى الظهور هذا العام، فى ظل القرارات الحكومية التى تُحجم زراعة محاصيل على رأسها محصول الأرز، تمتد لتظهر العام المقبل لتحجيم عدة محاصيل أخري؛ منها (قصب السكر والموز).

رشح الخبراء لجوء المزارعين للتوسع فى محاصيل بديلة، عوضاً عن تلك التى حُجمت، كالاتجاه للتوسع فى زراعة الذرة، والفول السودانى، بديلا للأرز، والبطيخ، والكانتلوب، بديلًا للموز وقصب السكر.

رهن الخبراء، اختيار الفلاح للتوسع فى أى من تلك المحاصيل لرؤيته أى من تلك المحاصيل تُدر عائداً مادياً أكثر له، وأيهما أنسب للأراضى، وأيهما الأكثر تسويقاً وطلباً بالسوق المصرية والتصديرية.

لجأت الحكومة ممثلة فى وزارة الرى لخفض مساحة الأرز العام الحالى إلى 724 ألف فدان، بدلا من 1.1 مليون فدان، فيما حظرت التوسع فى زراعة الموز فى المناطق القديمة، والاكتفاء بالمناطق الصحراوية فقط.
 
أصدرت وزارة الزراعة، قرارا وزاريا ببقاء القصب فى الأرض 5 أعوام فقط، ثم يحرث المحصول وزراعته من جديد، وطرح عدة أصناف جديدة من القصب أعلى فى إنتاجية السكر، وفى نفس الوقت أقل فى استهلاك المياه.

لتنفيذ خطة الحكومة لحصار المحاصيل الشرهة للمياه، أقر مجلس النواب فى جلسته العامة برئاسة على عبدالعال، مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، أعطت هذه التعديلات للوزارة الزراعة الحق فى حظر زراعة محاصيل معينة فى وقت معين، كما تم زيادة العقوبة فى القانون ووصولها للحبس لمدة 6 شهور، والغرامة بقيمة 20 ألف جنيه أوكليهما.
 
تغيرات سعرية

يقول مصطفى النجارى، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن الحكومة ومجالس الأعمال تعمل حالياً على سيناريوهات، ورؤى وإستراتيجيات للتغلب على أى نقص محتمل فى معروض الأرز فى الأسواق اعتباراً من العام المقبل، عقب قرار خفض مساحات الأرز لمحصول العام الجاري.

أضاف، أن الأطراف تحرص حالياً على الحفاظ على سعر الأرز متوافق مع سعر سلة الحبوب الأخرى، كالفول والعدس والفاصوليا، ليظل الأرز البديل الأرخص للمستهلك المصري.

أكد النجارى، أن هناك بدائل تبحث حالياً لتعويض نقص الأرز، ومن أبزرها الاتجاه لأصناف أخرى أوالتوسع فى زراعات أخرى يُقبل عليها المستهلك، على رأسها البطاطس المرشحة لتحل محل الأرز.

لفت إلى أن الرهان يكمن فى أن تضغط القدرة الشرائية لتحول نمط الاستهلاك، مدللا على حديثه بالدول الأوروبية، التى يعد استهلاك البطاطس بها أعلى 10 أضعاف من الأرز.

أوضح، أن البدائل التى سيجرى زراعتها مرتبطة بالقدرة على تسويق تلك المحاصيل وهذا العامل من يحدده هوالفلاح.

أضاف النجاري: «الفلاح واع؛ ولديه المقدرة على الاختيار من الزراعات البديلة عن تلك التى حجمتها الحكومة كونها أكثر استهلاكا للمياه، من خلال درايته بالأكثر طلباً والقدرة على تسويقه والأكثر عائد مادى له».

لفت إلى أن تفضيل المزارع لزراعة الأرز تأتى من سهولة تسويقه وتخزينه وذوعائد جيد له، مضيفاً أن إعلان الحكومة تقليص مساحات الأرز جاء من وزارة الرى، لكن وزارة الزراعة يمكن أن تدخل تعديلات فنية على القرار لتحدد أى من تلك الأراضى، تضرر من عدم زراعة الأرز، أوزيادة ملوحة أراضيها، وعلى إثرها تصدر قراراً بتعديل مساحات زراعة الأرز لزيادتها دون أن تحتسب الزيادة التى تقرها، كمخالفة على المزارعين.

يرى النجارى، أن محصول الذرة بديلًا عن زراعة الأرز، لا سيما أن سعر الطن يصل إلى 4000 جنيه، كما أن أسعار الدواجن مشجعة للتوسع فى زراعته، لافتاً إلى أن الدولة لا تزال الدولة تضع سياستها وخططتها للزراعات البديلة عن تلك التى صدرت قرارات بتحيجم زراعتها.

أكد على توافر معروض الأرز بالأسواق حالياً، وسعره بين 8 و9 جنيهات، فى معارض أهلا رمضان، فضلاً عن عروض فى بعض السلاسل التجارية، بين 45 و48 جنيها لوزن العبوات 5 كلجم للأرز عالى الجودة.

أما عن عدم صرف الأرز على البطاقة التموينية فيوضح النجارى، أن الأرز متوفر حالياً فى منافذ التموين، وتصريحات على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية فى هذا الشأن واضحة، وهى إعلانها صراحة أن الأرز سلعة غير أساسية فى التموين، ومن الممكن أن تستبدل فى نطاق مخصص التموين، لأصحاب البطاقات والبالغة 50 جنيهًا بأى سلعة أخرى، بمعنى أن الدولة غير ملزمة بتوفير الأرز ضمن مخصصات التموين.

حظر التصدير دائم وفتحه باستثناءات

يتوقع رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، استمرار حظر تصدير الأرز الذ ى فرض منذ 2008 ولا يزال مستمر، ولم يفتح باب التصدير منذ تلك الفترة إلا لاستثناءات، وبناء على ضوابط معينة.

يصل حجم استهلاك المواطن من الأرز سنويا إلى 40 كلجم سنويا، وفقاً للدراسات.

محاصيل بديلة

الخريطة الزراعية تتغير باستمرار، وتخضع فى ذلك لعامل الربح والخسارة للمزارع، لكن مع تدخل الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة فى تحجيم 3 محاصيل هى الأرز، والقصب، والموز، لأنها الأكثر شراهة فى استهلاك المياه أصبحت هذه الخريطة تتغير بوتيرة أسرع، وفقاً لما يقوله، ماهر أبوجبل، رئيس قطاع التسويق فى شركة «يارا إنترناشونال» الزراعية.

عن المحاصيل البديلة التى من الممكن للمزارع اللجوء إليها، عوضا عن الأرز، يوضح أبوجبل أن محصول الأرز يزرع فى مارس، ويمكن استبداله بزراعة الذرة، لكن مع وجود تدخل حكومى لإيجاد تسويق جيد للمحصول.

أما الموز من المحاصيل التى حجمت الزراعة التوسع فيها، فهوينتج الثمار مرة واحدة فى العام وتستمر عمليات الجنى 6 أشهر فيمكن استبداله بمحاصيل أخرى صيفية كالبطيخ والكنتالوب، وأخرى شتوية كالخضراوات، كما يمكن زراعة أشجار الفاكهة مثل الخوخ، والمشمش، والمانجو، مع زراعة محاصيل أخرى موازية مثل البصل، والثوم، وغيرها أسفل هذه البساتين.

تابع، من المحاصيل البديلة أمام الفلاح، لتلك التى وضع ضوابط بشأنها، زراعة القمح فى الشتاء، والذرة فى الصيف، عوضاً عن الموز والقصب، ويتطلب الأخير 5 أعوام، تنتج مرة فقط فى العام.

أضاف، كما يمكن زراعة الفول السودانى الذى يزرع فى الصيف، بدلا عن الأرز، والبنجر الذى يزرع فى الشتاء، ومن الممكن أن يكون بديلا عن زراعة قصب السكر، والفول السودانى أوالبنجر لهما عائد مجزى للمزارع، وموفر للمياه، والفترة التى يحتاجها فى الأرض بين 6 إلى 8 أشهر فقط، مقارنة بمحصول القصب الذى يمكث عاما كاملا.

يستهلك الأرز من المياه 7 آلاف متر مكعب، والقصب 12 ألف متر مكعب بينما ترتفع هذه المعدلات فى الموز إلى 18 ألف متر مكعب، وفقا لخبراء الزراعة.
 
تحذير من تغيرات بالتربة

حذر على رجب، نقيب فلاحى كفر الشيخ، من تسبب قرارات تحجيم مساحات المزروعة بالأرز لنحوثلثى المساحة السابقة، من تغييرات سعرية بالسوق، بما يرفع سعره مستقبلا ليصل إلى 15 جنيهاً فى الموسم المقبل، وزيادة نسبة الملوحة فى الأراضى ببعض المناطق الساحلية مثل كفر الشيخ، نظرًا لتخفيض المساحات المزروعة من المحاصيل التى تمتص تلك الملوحة، وعلى رأسها الأرز.

غياب البدائل الرسمية

يقول محمد برغش، رئيس حزب مصر الخضراء «تحت التأسيس»: «الفلاح المصرى يتفاجأ بقرارات الحكومة، وتغليظ العقوبات لتصل إلى الحبس، وكأنه فاقد للأهلية، ولا يمتلك أرضه، ولا يحق له زراعة أى محصول فيها«.

أكد «برغش»، أن الحكومة لا توفر بدائل للمزارعين لزراعة المحاصيل البديلة للأرز، التى تشملها تعديلات قانون الزراعة، كما أنها لا تسمع لملاحظات الفلاح، ولا تحاوره فيما يتعلق بمصير أراضه وخططه الزراعية قبل إقرار أى قوانين أوتعديلات.

أشار برغش إلى أن هناك بعض المناطق حظر زراعة الأرز قبل 3 أعوام فى المحافظات الساحلية مثل كفر الشيخ، والبحيرة، ودمياط، الأمر الذى يحول أراضيها لما يشبه الملاحات، أومناطق لاستخراج الملح، وليس أرضاً صالحة للزراعة.

طالب حسين عبدالرحمن، نقيب الفلاحين بتوفير بدائل للمزراعين بدلا من المحاصيل التى حظر التوسعات الجديدة فيها فى ظل الندرة المائية، من خلال إيجاد بدائل أمامه تكون مربحة وأيضا من خلال تفعيل الزراعة التعاقدية على محاصيل الخضر والفاكهة التى بموجبها تحديد السعر قبل الزراعة مثل القطن والبنجر.

لفت «عبد الرحمن»، إلى أن تلك التعديلات الجديدة على الخريطة الزراعية تستهدف زيادة معدلات زراعة محاصيل معينة على حساب أخرى، إذ تهدف للتوسع فى زراعة القطن والذرة على سبيل المثال، رغم تقنين الحكومة لكميات التقاوى الخاصة بتلك المحاصيل ومساحتها المنزرعة، الأمر الذى لا يدع مجالًا للفلاح للتوسع فى زراعتها.

أوضح أن جموع الفلاحين يوافقون على زراعة أى محصول، لكن شرط تحديد سعره من الحكومة، وضمان شراءه عبر آليات الزراعة التعاقدية.

المحاصيل المستهدف زيادتها

استبعد نبيل السنتريسى، رئيس اتحاد مصدرى الأقطان، تأثر الخطة المستهدفة لزراعة مساحة محصول القطن خلال الأعوام المقبلة، باتجاه الحكومة لتقليص الزراعات المستهلكة للمياه وأبرزها الأرز.

أضاف السنتريسى، أن القطن لا يعد من المحاصيل التى تستهلك مياه مثل باقى المحاصيل، كما أن المساحة المستهدف زراعتها هذا العام والتى تقترب من 303 آلاف فدان ليست كبيرة، وزرع منها إلى الآن 230 ألف فدان.

تابع: «لن نكون فى احتياج لأكثر من 2 مليون قنطار الذى يجرى زراعتهم خلال هذا العام».

وصف السنتريسى، خطة الحكومة للتوسع فى زراعة القطن أنها خطة طموحة، وتنفيذها مرهون بوجود طلب على القطن، ورغبة الفلاح فى زراعة المحصول.

أضاف أنه رغم جهود وزارة الزراعة، لزيادة القطن فى محافظات وجه قبلى، فإنه لم يجرى هذا الموسم زراعة سوى 33 ألف فدان من قرابة 300 ألف فدان مستهدف زراعتهم على مدار العام الجارى، بمحافظات بحرى وقبلى، وزراعة العام الماضى قرابة 28 ألف طن.

قال عبد العزيز عامر، رئيس لجنة تسويق المحاصيبل بالغربية، إن أكثر المحاصيل الزراعية استهلاكا للمياه محصولى الأرز والموز، أما محصول القطن فجذره وتدى، ويمتد جذوره إلى عمق الأرض.

أضاف، مساحة الأرز فى المحافظة تتقلص هذا العام، قائلاً: «محصول العام الماضى تجاوز 3 أضعاف المساحة المقررة، لكن كانت أغلبها يزرعها الفلاحين بالمخالفة للمساحات المقررة سنوياً».

أرجع عامر، الانخفاض المتوقع فى مساحة الأرز فى المحافظة هذا العام ليس فقط لقرار الحكومة بخفض مساحة الأرز، لكن لتخوف المزراعين من الغرامات والعقوبات التى أعلنت الدولة تطبيقها على المخالفين لزراعة الأرز هذا العام.

أضاف عامر أنه طبقا للتصريحات التى أطلقها على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، فلن يحدث أزمة لأن إنتاج محصول الأرز هذا العام يغطى الاستهلاك، ومن المفترض أن الدولة لديها سيناريوهات للتعامل حال حدوث نقص فى المعروض عن الطلب.

أوضح عامر، أنه رغم ارتفاع أسعار أرز الشعير لقرابة 5500 جنيه للطن مقارنة 3000 فى الموسم الماضى، إلا أن التجار هم من استفادوا من الزيادات التى لحقت بأسعار الأرز لأن المحصول بيع للتجار.

يصل سعر بيع الأرز فى محافظة الغربية للمستهلك 8.5 جنيه للكيلو المعبأ كسر.

جريدة المال

المال - خاص

12:07 م, الأربعاء, 23 مايو 18